السبت، 2 فبراير 2008

تناقض العقل المسلم

عندما تجد نفسك متورطاً في مناقشة حادة مع مسلم عليك ان تتسلح بكل ما تطاله يداك من ادوية ضغط الدم والمهدئات وكافة اشكال مضادات الاكتئاب, لانك على وشك الدخول فى معترك لا يعرف المنطق ولا العقل ولا الدليل, مناقشة قائمة على المقارنة بين الموجود المنظور المادي والعدمي الخفي الروحاني, وإذا أردت أن تُفحم محدثك بشتى الطرق ستجده دوماً متمسك بالمقولة الشهيرة "له في ذلك حكمه لا يعلمها غيره" وإذا ضيّقت عليه الخناق أكثر ستجده يتمتم "عقلنا قاصر عن إستيعاب كل ما يجري حوله" وإذا اردت إنهاء المناقشة لعدم عقلانيتها ومنطقيتها سيقول "إنه الهروب لضعف المنطق وإنتفاء الأدلة", وسبحان العقل!


في هذه المساحة سنستعرض كيف يتهرب المؤمن المسلم على وجه الخصوص من واقعه المتناقض بمزيد من التناقض ليصل في النهاية للطريق المسدود الذي لا فكاك منه ولا محيص, طريق "الحكمة الآلهية" و"محدودية العقل", وهو طريق محكوم عليه بالفشل الازلي نظرا لمالامعقوليته وبنيانه الهش, وإلى الموضوع.

تخيل أنك تناقش شاب مسلم في موضوع بسيط مثل:



"العناية والغضب الآلهي على البشر":


مسلم : كان الله دوماً بالمرصاد لاهل الكفر, لا يعطيهم الفرصة للاستمتاع بكفرهم, عذابه الارضي يسبق عذابه السماوي, يستخدم الطبيعة في توجيه انذاراته وهم لا يتعظون.

ملحد : كيف يعذب الله الكفار فقط؟ بعض الدول الكافرة تتعرض لضربات الطبيعة رغم وجود مسلمين بها, وأحيان كثيرة يتأذى المسلمون قبل الكفرة, فأين المنطق؟

مسلم : بالتأكيد وجودهم في دول الكفر ليس ذي مصلحة للإسلام, كأن يكونوا غير داعمين لحركة نشر الاسلام في تلك الدول أو يرضون بما ينهى الله عنه.

ملحد : وهل يتمرد المسلمون على الدول التي آوتهم وتكفلت برعايتهم في سبيل إرضاء الله بمزيد من العنف والتدخل في شئون الآخرين وتغيير مجرى حياتهم؟

مسلم : إذاً فالأفضل لهم أن يتركوها بدلاً من أن يشملهم غضب الله.

ملحد : وإذا كانوا ولدوا فيها وإستقروا بشكل لا يسمح لهم بتركها, فما ذنبهم؟

مسلم : ذنبهم في حكمة الله, فهو يرى أن إسلامهم منقوص ولا ينشرون كلمة لا إله إلا الله.

ملحد : وهل كلمة لا إله إلا الله لكي تنتشر يتوجب تدمير دول بأكملها؟

مسلم : عقاب الله مطلوب للتذكرة, ولكي يتعظ الآخرون.

ملحد : وهل يتعظ الآخرون على جثث إخوانهم في الإنسانية؟

مسلم : يستحقون الموت, لانهم جاءتهم الفرصة ليسلموا وعاندوا وإستقروا على كفرهم.

ملحد : وهل يخلق الله الإنسان بدين غير الإسلام ثم يعاقبه على ما إختاره له؟

مسلم : كان أمام الإنسان الفرصة ليختار طريقه لكنه إستكبر.

ملحد : كيف يختار طريقه وهو مسير؟

مسلم : يختار طريقه وهو مسير, هذه قدرة الله التي أخبرنا بها, فما المانع؟ أليس هو القادر على كل شيء؟

ملحد : وطالما هو القادر على كل شيء, فأين قدرته على تغيير غير المسلم لمسلم دون اللجوء للحل الابسط وهو قتله؟

مسلم : لو شاء لجعل البشر جميعاً مسلمين.

ملحد : وما الذي منعه؟

مسلم : الإختلاف مطلوب.

ملحد : وإذا كان الإختلاف يؤدى للقتل في النهاية, فلماذا نختلف على شيء نقدر على حسمه بدلا من إزهاق كل تلك الأرواح؟ أين الرحمة؟ أين العدل؟ لماذا تلك اللعبة الآلهية التي لا مبرر لها سوى نفخ الأرواح ثم إزهاقها لأنها لم تسير حسب الرغبة الآلهية التي هو السبب الأول والأخير فيها!

مسلم : يفعل الله ما يشاء بخلقه دون أن يُسأل عما يفعل, فهو العليم الخبير الحكيم.




ثم ينتقل الحوار لمنحنى آخر يتجلى فيه تناقض المسلم في أبهى صوره عندما يكون الحديث عن:

"الحرية في الإسلام وإحترام الآخر":



مسلم : يريدون إطلاق الحريات بلا حسيب ولا رقيب, يريدونها فوضى.

ملحد : كيف؟

مسلم : ينادون بتعدد الأحزاب والقوانين الوضعية البشرية وحرية الإرتداد عن الإسلام وجواز تولي غير المسلم والمرأة الحكم.

ملحد : أليس الإسلام هو نفسه من يقول "لكم دينكم ولي ديني" و"لا إكراه في الدين" و"أنتم أعلم بشئون دنياكم"؟

مسلم : نعم, وهو الدين الوحيد الذي يقبل الآخر ويدعو للمساواة.

ملحد : فأين المشكلة إذاً؟

مسلم : لأنه هو أيضاً من يقول أن "الدين عند الله الإسلام" وأن"أُمرت أن أُقاتل حتى تسود كلمة لا إله ألا الله" و"ومن بدل دينه فأتلوه".

ملحد : من نصدق إذاً؟

مسلم : نحن ندعو لحرية الاعتقاد, لكننا في نفس الوقت لا نقبل سمو دين آخر على ديننا.

ملحد : هل تؤيدون حرية الاديان والمعتقدات في دولة تحت الحكم الإسلامي؟

مسلم : طالما أن أصحاب تلك الأديان والمعتقدات لا يعلنون أفكارهم ولا يدعون لها ولا يمارسون طقوسها بشكل يجرح شعور المسلمين وطالما أنهم يدفعون الجزية عن يد وهم صاغرون وطالما مستعدون دوما لتحمل كافة شعائرنا وطقوسنا وطالما لن تضيق صدورهم عند دعوتهم للإسلام فلا مانع على الإطلاق.



ثم يصل الحديث لنقطة طلب العلم وإعمال العقل فيكون كالآتي:



ملحد : كيف تثبت وجود الله والاديان مع أن العلم أثبت إستحالة الخلق والتاريخ أثبت خرافة الاديان والمعجزات؟

مسلم : العلم والتاريخ ليسوا كل شيء, الإيمان هو والمنطق هو الطريق لمعرفة وجود الله وصدق الأديان.

ملحد : لكن الإيمان لا يمكن قياسه بالعلم, وأعلم جيداً مدى خوف المؤمنين من العلم والتاريخ لأنهما يكشفان الكثير من أوجه القصور في منطقهم.

مسلم : بالعكس, العلم يسير بالتوازي مع الايمان بالله والأديان.

ملحد : ولكننا كشفنا زيف إدعاءات الإعجاز العلمي.

مسلم : هذا لم يحدث ولن يحدث, فحتى لو اثبتم تناقضها مع العلم هذا لا يعني إثبات أن الأديان والله غير موجودين, العلم لا يفسر كل شيء وبعض الأشياء غير مطلوب فيها إستخدام العقل والعلم لإستحالة الوصول إليها بالعقل القاصر المحدود.

ملحد : هل تريدون تعطيل العقل عن العمل لأنه قاصر ومحدود ؟ هل تمنعون البشر من التفكير وإستخدام التقدم العلمي في تطوير العقول ورفع مستوى وعيها؟

مسلم : لالالالا, على الإطلاق, نحن نؤيد طلب العلم وإعمال العقل, رسولنا يقول "اطلبوا العلم ولو في الصين", فكيف نخالف ما قاله؟

ملحد : ولكنكم تطلبون تعطيل العقل والعلم عند بعض الجوانب مما تكشف عجز منطقكم وهوانه؟

مسلم : هذا يحدث فقط عندما تتعارض تلك الأفكار المعلوم من الدين بالضرورة, وهي أفكار هدامة لا غرض منها سوى النقد الهدام الغير عملى.

ملحد : إذاً أنتم لا تؤيدون أعمال العقل في كل المسائل؟

مسلم : نؤيده في المسائل الآمنه فقط, وليس الكل حتى لا يتعرض الدين لما قد يضره.

ملحد : لا تقول لي إذن إطلبوا العلم ولو في الصين, فهانتم ترفضونه.

مسلم : نطلبه ولو فى الصين ولكن بحدود.



ثم نأتي لجانب متناقض آخر من جوانب تفكير المسلم, ألا وهو تشوش أفكاره تجاه بعض النظريات العلمية, مثل الآتي:



ملحد : لماذا لا يستطيع الإسلام الرد على نظرية التطور رداً قاطعاً بدلاً من الردود الفلسفية الغيبية التي لا تقدم ولا تؤخر ولا تقنع طفلاً؟

مسلم : من قال هذا, لقد رددنا بما فيه الكفاية, ولكنكم لا تعقلون.

ملحد : اتمنى ان نعقل حقاً, لكن أين تلد الردود فعلاً؟ لا أرى سوى سفسطة لا معنى لها من قبيل أنه ربما كان التطور لسائر المخلوقات إلا الإنسان, أو أن التطور لم يثبت عملياً حتى الآن رغم وجود حفريات إنسان نياندرثال والهيكل العظمى للآنسه لوسي الذى يعود عمره لاكثر مليوني عام, فكيف يستوي مليوني عام مع العشرة الآف عام التي توصل علماء الدين إلى أنها عمر الإنسان على الأرض تبعاً لأعمار الأنبياء؟

مسلم : نظرية التطور لم تثبت كليةً ولم نجد حتى الآن الحلقة المفقودة في التطور الذي تتحدثون عنه.

ملحد : يكفي الهياكل العظمية القديمة, فهل تريدون تأكيد أكثر من هذا على خرافة آدم وحواء؟

مسلم : ما المانع أن يكون خلق الإنسان من اكثر من مليوني عام, علماء الأديان ليسوا دائماً على حق خاصة وهم ليسوا أهل علوم بيولوجية وإنسانية.

ملحد : الإنسان القديم لم يتواجد على الارض بصورته الحالية, بل تطور من فصيلة من القرود متقدمة بيولوجياً إلى أن وصل للإنسان الحالي, فكيف تقولون أن الله خلق الإنسان كما هو الآن والعلم يقول العكس؟

مسلم : إيماننا بخلق الله للإنسان أقوى من ادعائتكم العلمية, وإلى الآن لم يثبت عدم الخلق.

ملحد : حسناً, ماذا عن نظرية الإنفجار الكبير وتعارضها مع نظرية "كن فيكون"؟ وماذا عن نظرية الأكوان المتوازية التي لم يأتي أي ذكر لها في أي ديانة سماوية؟ وماذا عن قصة طوفان نوح وتعارضها مع نفي العلم لحدوث مثل هذا الطوفان وكذلك نفيه لوجود مثنى من كل كائن حي على وجه الارض بعد إكتشاف الكائنات وحيدة النوع؟

مسلم : كل تلك النظريات لا تتعارض مع الأديان, قد تتوافق معها في يوم من الأيام, قد نرى ذلك اليوم او قد نموت قبله.

ملحد : لكننا نعيش في العصر الحالي ومطلوب مننا التفكير وإتخاذ القرار, كيف نغيّيب عقولنا في إنتظار المجهول, هل هو رفض العلم مقابل الإيمان الغيبي؟

مسلم : نحن لا نرفض العلم, نرفض فقط ما يتناقض منه مع ديننا.

ملحد : وهل إذا تناقض العلم القابل للقياس والتجربة والاستنباط والملاحظة والمشاهدة مع الدين الغيبي بالكامل نلقي العلم في اقرب كومة قمامة ونستخدم الدين؟

مسلم : تناقض العلم مع الدين لا يعني التخلص من العلم نهائياً, فإذا أثبت العلم نظرية التطور إثباتاً نهائياً فسنجد طريقة لربطها بالدين, وكذلك الحال بالنسبة لأي نظرية أخرى.

ملحد : كمن يضع العربة أمام الحصان.

مسلم : ليس بالضبط, لكننا ثابتون على ديننا رغم إيماننا بالعلم.

ملحد : ماذا لو أثبت العلم تناقض الأديان معه إثباتاً تاماً وبالحقائق ؟ ماذا لو أثبت العلم خرافة كل ما آمنتم به على مدى قرون؟ ماذا لو أثبت العلم أن كل ثوابتكم مجرد أوهام لا أساس لها من الصحة؟

مسلم : وقتها سنتكلم مره أخرى, ولكن عن دين وإيمان أيضاً.

ملحد : إسمح لي أن أخبرك أن سعد زغلول لم يخطىء عندما قال "مافيش فايدة".



وهكذا يعيش المسلم في دوامة لا تنتهي, بين الإعتراف بالعلم أحياناً ونفيه أحيان أخرى, بين الإيمان المطلق والإيمان النسبي الذي قد يتغير بمرور الزمن لإيمان "نيولوك", بين السماحة والتعصب, التكفير والإحتواء, التفكير ومحدودية العقل, قضايا لا تنتهي عادة إلا بالتناقض بين بدايتها ونهايتها, إذا استمر النقاش ساعة تجده يغير من وجهات نظره كل ربع منها على حسب سير الحديث وعلى حسب مقدار المآزق التي يتعرض لها.

إنها مآساة العقل الإسلامي في حاضرنا الذي لا يعترف إلا بالعلم منهجاً وبالتجربة والملاحظة والاستنتاج طريقاً لإثبات الحقائق, فمتى يستيقظ هذا العقل المتكلس من سباته العميق الغيبي؟

الموضوع بالكامل على منتدى الملحدين العرب

هناك تعليق واحد:

hakar2004 يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.