السبت، 2 فبراير 2008

لماذا أرفض الألوهية والخلق؟

لنتكلم ببعض العقلانية والمنطقية ولنبتعد قليلاً عن الفلسفة التي لن تعطينا الرد العلمي المطلوب لفهم فكرة الآله علمياً ولتفسير الكون من منظور المادة والطاقة فقط لا غير.

ما الذي يجعلني غير مقتنع بفكرة الإله مطلق القدرة؟

عدة أسباب في الحقيقة, ولنبدأ:

1 - لم أرى دليلاً واحداً حتى الآن على وجوده! فكل ما تواتر من ادلة على وجود الله تتمحور حول فكرة أنه (خلقني) و(خلق كل شيء), مع أن من جاء بي للعالم هو أبي وأمي ولم اوجد من العدم, فمعنى كلمة أنه خلقني أنني وجدت من العدم (كن فيكون), وأما أنه خلق الكون فلم أرى أي دلالة على خلق (الله الإسلامي على وجه التحديد) للكون, وسنعود بالضرورة للسؤال الأساسي الذي لم ولن ينتهي الجدل بشأنه, وهو, إذا كان الله خلق كل شيء, فمن خلقه؟ وهو سؤال غير منطقي في رايي, لأننا نتكلم أيضاً (كلادينيين) عن أزلية المادة والطاقة, والقياس هنا واحد, فمن يقول بأزلية الطاقة يقول بأزلية الخالق أيضاَ, ولكن, الطاقة الأزليه لو أنشئت الكون كنتيجة طبيعية (صدفة) لفهمنا الكثير من عشوائية وعبث الحياة والكون من حولنا, لفهمنا كيف أن أرضنا لا تمثل أكثر من واحد على الف الف مليار, أي ليست لها قيمة على الإطلاق وسط هذا الكون السرمدي, وهو ما يقودنا لأهميتنا شخصياً كبشر وسط هذا الكم الهائل من الاجرام والمجرات والنجوم التي لن تفيدنا ولا نشكل نحن منها أي نسبة تذكر, ومرة اخرى نرى أنفسنا اضأل من أن يخلق الكون كله لنا! فكرة الإنفجار الكبير كصدفة غير مستبعدة نهائيا إذا إعتمدنا على نظرية ميكانيكا الكم التي فسرت (ولازالت) الكثير من معضلات المادة والطاقة ونشأة الكون, ولازال العلماء يعتبرون ميكانيكا الكم العلم الوحيد الذي سيثقل كفة فكرة المادة والطاقة بعد ألآف السنين من سيطرة الغيبيات والخرافات على العقل الإنساني.

2 - لماذا خُلقنا؟

مسألة خلق الإنسان وحياته ثم حسابه ومجازاته على الخير والشر (نعيم وعذاب - جنة ونار) لطالما ارّقت منامي وجعلتني اضرب أخماساً في أسداساً, فاللعبة كلها عبث في عبث في رايي المتواضع, لماذا خلقنا الله؟ هل لنعبده فقط؟ هل لنفعل أشياء قد ترضيه فيدخلنا الجنه أو تغضبه فيعذبنا للخلود؟ إذا كان هو نفسه خالق كل خير وشر داخلنا, ويحفظ افعالنا ومصائرنا في لوحه المحفوظ, فلماذا خلقنا من الاساس؟
ولتوضيح الفكرة أكثر, تخيل أنك أشتريت عبداً, ثم اجبرته على العيش في حديقتك بيتك الخلفية طيلة عمره, وتركته يفعل الخير والشر (مع العلم أنك مانحه الأدوات التي عن طريقها يتصرف), ثم بعد عشرون عاماً أتيت به لدارك وقرأت عليه افعاله التي توقعتها والتي تطابقت على مدى تلك المدة مع ما فعله بالضبط, ثم أخبرته أنك كنت تجهز له الثواب والعقاب على حسب افعاله, وعندما تنبأت بها ووصل الامر للعقاب جاء الوقت ليناله, فظللت تعذبه إلى أن قضي, فأين المنطق فيما فعلت؟ :

- جئت به رغماً عنه.

- وضعته في مكان لم تستشيره فيه.

- أعطيته أدوات لم يطلبها.

- وضعته في ظروف جعلتك تتنبأ بأفعاله.

- في النهاية عاقبته على كل ما فعلته به من البداية وكأن الذنب ذنبه !

أين المنطق ؟ لماذا تلك اللعبة؟ ماذا بعد خلود المثاب فى الجنة وخلود المعاقب في النار؟ إلى أين تمضي البشرية بعد إنتهاء اللعبة؟ إذا كان الله يبغى إستفادة من وراء الخلق ثم الثواب والعقاب, هل يكون كاملاً (الكامل لا يبغى ما يكمل كماله)؟, وإذا لم يبغى إستفادة, هل خلقنا بلا مبرر (الكامل لا يفعل عبثاً)؟

3 - العلم فسر الكثير من ألغاز الكون ونشئته, وأرجو من السادة الأفاضل مراجعة كتب ومحاضرات العلماء ستيفن هوكنج, ريتشارد دواكنز, كارل ساجان ليعرفوا لأى مدى وصل إقتناع الغرب بمادية الكون وغياب أي ميتافيزياء عنه, أرجو أن يراجعوا نظرية الأوتار الكونية, والاكوان المتوازية, وتكوين الخلية الاولى(عرض عنها فيلم وثائقى فى الجزيرة يشرح كيف نشأت فى احدى الجزر).

4 - نظرية إله الفراغات أسست لمنهج جديد في فهم فكرة الخالق الإله عن طريق الاديان والحضارات السابقة, ومفادها أن الله كان طوال التاريخ البشرى تفسيرا جاهزا وبسيطاً لفراغات في التفكير الانساني ناشئة عن الجهل بالعلوم والاتجاه للغيبيات والخرافات, وكلما وجد الانسان فراغا لا يستطيع تفسيره وضع الإله فيه فأستراح وهدأ باله, وكلما أتسع نطاق البحث العلمي, وكلما توالت الاكتشافات الحديثة تقلصت تلك الفراغات الى ان وصلت في وقتنا الحالي الى فراغ (كيف نشأت المادة الاولية التي كوّنت الكون؟) وهو فراغ لن يستمر طويلا أمام علم ميكانيكا الكم الثوري, وبهاذ تقلص دور الآله لحد كبير ولن يمر وقت طويل حتى ينهي نفسه بنفسه في ظل تفسير كل ما احتار امامه العقل البشري على مدى الوف السنين.

5 - لماذا لم يستخدم الله قدراته اللانهائية ولو مرة واحدة على مر التاريخ الانساني؟ لماذا لم نرى خلق من عدم؟ لماذا لم نرى معجزات (رؤى العين وليست اساطير متداولة), لماذا كف عن المعجزات اذا كان يفعلها قديما ؟ لماذا انتهى زمن المعجزات مع بدء زمن البحث العلمي؟ لماذا توقف عن ارسال رسل وانبياء طيلة 1400 عام وهو الذى لم يتوقف عن ارسالهم فيما قبل هذا التاريخ؟ لماذا يترك قبائل افريقيا واستراليا والاسكيمو على جهلهم بدينه بل وبنفسه حتى الآن؟ أين هو؟ لماذا طلب سيدنا ابراهيم معجزة الطير حتى يتاكد من وجوده؟ لماذا تكلم مع موسى فقط ولم يتكلم مع بقية خلقه؟ لماذا يصر على الاستجابه لطلبات الانبياء ويتجاهل بقية عبيده؟ كيف اصطفى الانبياء؟ على اى اساس؟ اذا كان الاساس التفرد فى الصفات فغيرهم الكثير والكثير على مدى التاريخ, واذا كانت اعتباراته الشخصية فأين الحكمه اذا كان بعض انبياؤه خذلوه (يونس وموسى على سبيل المثال وليس الحصر), لماذا كان الله قديما هو من يقوم بالزوابع والاعاصير والزلازل واصبحت الآن الطبيعة هى من تفعل كل ظواهرها بناءا على تفسيرات مناخية مادية او جيولوجية مادية ايضاً ؟ لماذا تحولت الشهب من شياطين الى احجار ضلت طريقها للارض واحترقت بفعل اختراقها للغلاف الجوي؟

كلها اسئلة لا اجابة لها سوى الايمان بلا تفكير, والتسليم بلا اعمال للعقل, والارتكان للغيب بلا منطق.


الموضوع بالكامل على منتدى الملحدين العرب

ليست هناك تعليقات: